من تكون يا هذا؟؟

من طرف سالم السبت سبتمبر 10, 2011 12:17 pm

من تكون يا هذا؟؟
ألا تدري أنك مخلوق من نطفةٍ أمشاجٍ ..
أي من أخلاط الجنسين...... الذكر والأنثى,,
ومن ماءٍ مهين,,
أي من قطرات جُعِلت في قرارٍ مكين,
(.... أَلَمْ يَكُ نُطْفَةً مّن مّنِيّ يُمْنَىَ")﴿أَلَمْ نَخْلُقكّم مّن مّآءٍ مّهِينٍ)
وكنت في بطنِ أمك في ظلماتٍ ثلاث أي محاط بثلاثة أغشية,
وكنت علقة ومن ثم مضغة ومن ثم عظاماً (فَكَسَوْنَا الْعِظَامَ لَحْماً....)
أي كنت في أحد أطوارك أشبه ما يكون بلقمة الطعام الممضوغة,,
وها أنت الآن (خَلْقاً آخَرَ فَتَبَارَكَ اللّهُ أَحْسَنُ الْخَالِقِينَ﴾,,
ومن ثم تأخذ الشكل الإنساني في الرحم لتلد بعد حين إلى هذا الوجود,,
فلِمَ تنسى أطوار خلقك؟؟
ولِمَ تنسى أنك مخلوقٍ ضعيف؟؟
فمهما أصبت في هذه الحياة من مجدٍ أو جاهٍ أو مالٍ فأنت ذلك الإنسان المخلوق من نطفةٍ أمشاجٍ,, فلا تنسى نفسك وتطغي,,
ومهما علوت وتكبرت وظلمت فأنت ذلك الإنسان الذي كان يومٍ ما مضغة (تتغذى على دماء كائن آخر معلقة به),,
فلِمَ هذا التجبر وأنت أضعف من أن ترد أبسط نازلة واقعه عليك؟؟
البعض أن أكرمه الخالق بشئ من نعمه التي لا تُحصى أحتقر من ابتلاه الله في هذه الدنيا ونظر إليه نظرة الدون,,
بل وغمط حقه في العيش تكبراً وعلواً في الأرضِ متناسياً من يكون,,
فربما تلك النعم المصبوغة عليك ما هي إلا فتنة لك أي محنة وأختبار في الدنيا وفي الآخرة الندم الكبير حيث لا ينفع الندم,,فاتقي الله في خلقه,,
وربما ذلك المبتلي بنقصٍ في الأولادِ والأموالِ والعلمِ الذي احتقرته أنت ربما كان السبب في ندمك,,فاحذر عاقبة الاحتقار,,,
فليس هناك أفضل من أن يعرف المرءُ قدر نفسه في الحياة,,
فتلك المعرفة بالنفسِ شأنها أن تورد صاحبها موارد الشكر على النعم,
وأعظم القبح أن يجحد الإنسان فضل الله عليه,,
فذاك الجحود شأنه أن يسوق صاحبه إلى سهول التكبر وروابي الظلم,
حتى إذا أعمته غشاوة الجهل(قَالَ إِنّمَآ أُوتِيتُهُ عَلَىَ عِلْمٍ عِندِيَ..)
أي(أضاف تلك النعم إلى نفسه وعلمه وقوته ولم يضفها إلى فضل الله وإحسانه) وقد نسى نفسه من يكون...
لن نكون بعون الله وفضلة وكرمة مثل هذا الجاحد,
ولكن هناك فينا من تسول له نفسه أحياناً بأن يشعر أنه أفضل
من زيد أو عمرو من الناس,,
فتدب إلى قلبه وساوس الشيطان حتى تسيطر على نياطه إيحاءات الاستعلاء والفوقية,
فلا ينظر إلا شزراً, ولا ينطق إلا غروراً,ولا يمشي إلا مرحاً,
ولا يعطي إلا جهراً,ولا يمنع إلا تحقيراً,
ولا ينثر النعمة من بين أيديه إلا بطراً,ولا يلبس إلا فخراً,
ويرى كل الناس دونه وهو أكبر من أن تطال العيون شرفته العلية,,
لقد نسى(....إنّكَ لَن تَخْرِقَ الأَرْضَ وَلَن تَبْلُغَ الْجِبَالَ طُولاً ),
بل لقد نسى نفسه من يكون,,,
وبهذا يكون قد تشبّه بالذي يجحد نعمة الله عليه وأغتر بما عنده من الأشياء الحقيرة الزائلة,,
فلِمَ هذا التكبر على عباد الله؟؟
بل ماذا ستجني غير الحسرة يوم لا ينفع مالا ولا بنون ولا جاه ولا علم..
فهناك لا يفوز إلا من قلبه سليم...
وأنت في هذه الحياة إذا لم تحسن العيش وفق الهداية فلن تنال الثواب يوم الجزاء,,
وإذا لم تتواضع وتشكر النعمة هنا فلن تلفح هناك عند عظمة الخالق وكبريائه,,
فلا تنسى نفسك من تكون يا هذا,,
فإنك مخلوق من نطفة أمشاج أي أخلاط الجنسين....
ومن ماء مهين......